في التاسع عشر من مايو عام 1927، وُلد الأديب المصري الكبير يوسف إدريس، الذي يُعد أحد أبرز روّاد القصة القصيرة في العالم العربي، وصاحب مشروع أدبي استثنائي جمع بين حس الطبيب ونبض الشارع.
يوسف إدريس لم يكن مجرد كاتب، بل كان راويًا للناس البسطاء، صوتًا لحكايات المهمّشين والمنسيّين في الزحام، ومجددًا جريئًا في المسرح والرواية والمقال.
ورغم بداياته كطبيب، إلا أن الأدب انتزع روحه، فكتب مجموعة أرخص ليالي التي فتحت له بوابة الخلود، ثم توالت أعماله مثل الحرام والعيب والبيضاء، التي جسدت تفاصيل الحياة المصرية بصدق نادر.
لم يكن إدريس يكتب من برج عاجي، بل من قلب الشارع، محاطًا بصوت الباعة الجائلين ودموع الأمهات وصرخات الغلابة، مجسّدًا مأساة الإنسان في مواجهة السلطة والمجتمع والقدر.
كما كان من أوائل من طوّعوا العامية في الحوار الأدبي، دون أن يُسقِط الفصحى، وقدم أعمالًا مسرحية لامست قضايا الهوية مثل الفرافير والبهلوان، وأخرى اختبرت العلاقة بين السلطة والإنسان.
ترشح يوسف إدريس أكثر من مرة لجائزة نوبل، ونال تكريمات عديدة أبرزها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وظل حتى رحيله عام 1991 أحد أصدق الأقلام وأكثرها تأثيرًا في الوجدان العربي.
اليوم، في ذكرى ميلاده، نعيد تسليط الضوء على رجل كتب من “الواقع”، وترك وراءه أدبًا لا يشيخ، وضميرًا لا يُنسى.