منذ اللحظة التي أعلن فيها مهرجان قرطاج الدولي عن استضافة الفنانة الإماراتية أحلام في دورته التاسعة والخمسين، بدأ اسمها يتردد في الصحافة التونسية والعربية كأحد أهم عناوين الموسم الفني. عودة أحلام إلى ركح قرطاج بعد غياب يقارب الثمانية والعشرين عامًا لم تُعتبر مجرد مشاركة عابرة، بل وُصفت بأنها حدث منتظر يعيد إلى الذاكرة علاقة خاصة بين صوت خليجي أصيل وجمهور تونسي عرف كيف يفتح قلبه لها منذ بداياتها. ومع اقتراب الموعد، نفدت التذاكر بسرعة قياسية، في إشارة واضحة إلى حجم الترقب والشوق الذي يحمله الجمهور لهذه العودة التاريخية.
في الليلة الموعودة، امتلأت مدرجات المسرح الأثري بالجماهير التي بدأت تتوافد قبل ساعات طويلة من بدء الحفل. وما إن أطلت أحلام على الخشبة حتى دوّى التصفيق وترددت صيحات الترحيب من كل مكان. بدا المشهد أشبه بمصالحة وجدانية بين فنانة وجمهور، ووقفت أحلام متأثرة وهي تهمس بصدق: “وحشتوني برشا.. أنتم أول جمهور دعمني”. تلك الكلمات البسيطة كانت كافية لإشعال المدرجات وإذابة المسافات بين المسرح والحضور.
رحلة الحفل امتدت لساعات طويلة، قدمت خلالها أحلام باقة من أجمل أغنياتها التي رافقها الجمهور غناءً وتصفيقًا، من “قول عني ما تقول” و” حزين ” إلى “مثير” و”ناويالك” واغنية للسيدة ام كلثوم وهي غني لي شوي شوي التي ابدعت فيها وذلك بمناسة مرور 50 عام على رحيل كوكب الشرق .
لكن اللحظة الأكثر إثارة كانت حين اختارت أن تؤدي أغنية تونسية قديمة ارتبطت بظهورها الأول على قرطاج في أواخر التسعينات، لتمنح جمهورها لحظة وفاء خاصة اختلط فيها الحنين بالاعتزاز. الأضواء التي غمرت المكان عبر الأساور الموزعة على الجمهور حوّلت المسرح إلى لوحة بصرية نابضة، تمازجت فيها الألوان مع الموسيقى ومع الحضور الذي بدا وكأنه يعيش عيدًا فنيًا لا يتكرر كل عام.
النجاح لم يقتصر على المدرجات وحدها، بل امتد إلى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التي امتلأت بصور ومقاطع من السهرة، وسط إجماع على أن أحلام وقفت في قرطاج كنجمة كبيرة تعرف كيف تمنح جمهورها كل ما يليق به من طرب وحضور. وعندما أسدلت السهرة ستارها، تركت أحلام وعدًا جديدًا بأن عودتها لن تكون الأخيرة، مؤكدة أن قرطاج سيبقى بالنسبة لها محطة خاصة وذكرى خالدة.
هكذا تحوّل حفل أحلام في قرطاج من مجرد سهرة غنائية إلى حدث ثقافي وفني جامع، جمع بين التاريخ والوفاء، وأثبت أن قوة الفن تكمن في الصدق الذي يصل إلى القلب بلا استئذان . صدقوني ان احلام تحولت إلى ايقونه نجاح في مجالها الموسيقي وعنوان نجاح لأي ختام او بداية .