فقدت الكويت والخليج العربي صباح اليوم السبت واحدًا من أعمدة الفن وروّاده الكبار، بوفاة الفنان الكويتي القدير محمد المنيع عن عمر ناهز 95 عامًا، بعد رحلة عطاء استثنائية امتدت لأكثر من ستين عامًا، ترك خلالها إرثًا فنيًا حافلًا بالأعمال الخالدة في المسرح والدراما والسينما.
وُلد المنيع عام 1930 في منطقة القبلة بالكويت، ونشأ في بيئة بسيطة مليئة بالتحديات. بدأ مشواره العملي مبكرًا بعد أن ترك مقاعد الدراسة في المدرسة الأحمدية، ليعمل في مهن شاقة مثل لحام الأكسجين، وإصلاح خزانات النفط، وحفر آباره، وهي تجارب صقلت شخصيته وأكسبته الانضباط والجدية التي لازمته طوال حياته.
عام 1961، التحق بفرقة المسرح الشعبي في الكويت، قبل أن يشارك في تأسيس فرقة المسرح الكويتي التي أصبح لاحقًا أحد أعمدتها الإدارية والفنية، حيث جمع بين الموهبة التمثيلية والقدرة على القيادة والتنظيم.
في الدراما التلفزيونية، كان المنيع حاضرًا بقوة في وجدان الجمهور عبر عشرات المسلسلات التي لا تزال محفورة في ذاكرة المشاهد الخليجي، من أبرزها: غصون في الوحل، زمان الإسكافي، الداية، الإبريق المكسور، بدر الزمان، القرار الأخير، طش ورش، فتى الأحلام، الرحيل، طيبة وبدر. وكان آخر ظهور له عام 2018 في مسلسل عبرة شارع.
أما على خشبة المسرح، فقد قدّم أعمالًا لا تُنسى مثل: حظها يكسر الصخر، بغيتها طرب صارت نشب، علي جناح التبريزي، فرسان، مؤكدًا أن المسرح ظل عشقه الأكبر حتى أيامه الأخيرة.
ورغم أن السينما لم تكن مجاله الأبرز، إلا أنه ترك بصمة واضحة في عدد من الأفلام المهمة، أبرزها بس يا بحر، الذي يُعد علامة فارقة في تاريخ السينما الكويتية، إضافة إلى أوراق الخريف، ليلة القبض على الوزير.
على مدى مسيرته، شارك المنيع في ما يقارب 60 عملًا تلفزيونيًا، وأكثر من 10 مسرحيات، وعدد من الأفلام السينمائية التي أُنتجت بين 1963 و2015، مجسدًا أدوارًا تنوعت بين الكوميديا والتراجيديا، وحاملًا رسالة فنية تهدف إلى التثقيف والإصلاح المجتمعي.
برحيل محمد المنيع، يخسر الفن الخليجي قامة كبيرة ساهمت في تأسيس هويته ورفعت من مكانته عربيًا، تاركًا وراءه إرثًا سيظل مصدر إلهام للأجيال المقبلة من المبدعين.