تعد أغنية اسألك الرحيلا التي شدت بها نجاة الصغيرة في عام 1991 اخر اعمال الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب والتي قدمها للمطربه الكبيرة من كلمات الشاعر العملاق نزار قباني .
كيف استطاع موسيقار الأجيال صناعة مثل هذا اللحن الخرافي الذي سيبقى خالداً على مر الأجيال ، أسألك الرحيلا نفس الأسلوب ونفس الطريقة مع عبد الوهاب ونجاة فى أعمالهما السابقة وخاصة القصائد مثل ( أيظن ).. محبوبة تثور على حبيبها ثم تعود إليه فى النهاية ونفس الطريقة مع قصيدة ( متى ستعرف ) أو إرجع إليا ، المقدمة الموسيقية طويلة ككثير من الحان عبد الوهاب ، فالمقدمة عبارة عن أدليب تؤديه الوتريات .. ويرد عليها الأورج بنفس الجملة الموسيقية .. وتعود الوتريات لنفس الجملة مر أخرى .
صورة من بروفة اسألك الرحيلا
وعندما إستماعنا للجزء الأول من الأدليب فى المقدمة الموسيقية ، سنلاحظ أن عبد الوهاب إستعمل جميع الحروف داخل المقام وخارجه (الكرد) ، يتغير الإيقاع إلى المقسوم ونسمع جملة موسيقية جديدة ، كل هذا فى المقدمة ، لم ندخل للغناء بعد ، ويتغير الإيقاع للمرة الثالثة إلى المصمودى الكبير ، ونسمع جملة تحاوريه بين الوتريات وبين آلة الفولينة ( الكمان الصغير ) .
نزار قباني
وأخيراً ننتهى من المقدمة الموسيقية ويبدأ الغناء ، مع ( أسألك الرحيلا لخير هذا الحب ياحبيبى ) ، تخيلوا أن المقدمة الموسيقية والمذهب الغنائى كله من الكرد ، ولم يخرج عن الكرد إلا نادراً .
ثم يغير عبد الوهاب المقام .. حيث يصل للراست عند ( بحق ذكرياتنا وحبنا الجميل ) ، ونجد أيضاً مقام الهزام عند ( بحق أحلى قصة للحب فى زماننا ) ويعود للراست مرة أخرى عند ( أسألك الرحيلا عند نهاية المذهب ) والرائع هو انه نهى المذهب على مقام جديد ،هو البياتى ، ونسمعه عند أسألك الرحيلاً الأخيرة قبل دخول موسيقى الكوبليه
نسمع مثلاً جملة جميلة جداً من مقام الصبا ، والجميل ليس فى المقام نفسه ، ولكن من منطقة ركوزه التى إختارها عبد الوهاب فهو لم يستعمل الصبا من نفس درجة الكرد ولكنه إستعمله من درجة الحجاز كار ، كما سبق أن إستعمل العجم من منطقة مختلفة تماماً
وإستعمل الحجاز كار عند ( من أجل حب رائع يسكن منا القلب ) ثم نسمع النهاوند مع ( أسألك الذهابا ) .. والجميل فى الموضوع أنه لحن نفس الجملة ( أسألك الذهابا ) من الراست لماذا ؟ لأنه سيعود مع الراست لينهى الكوبليه كما فعل مع المذهب من قبل .. خطة موضوعة وفكر لحنى جبار ومع لازمة موسيقية جديدة من البياتى وتغنى نجاة ( إنزع حبيبى معطف السفر ) من نفس المقام ( البياتى ) ويتوقف الإيقاع لنسمع نجاة فى جملة حرة ( غناء فالت ) ومع نفس المقام البياتى تغنى ( ماذا أنا لو أنت لا تحبنى مالليل مالنهار ما النجوم ما السفر )
ثم جملة موسيقية من مقام الهزام .. لتغنى نجاة ( إبقى حبيبى دائماً كى يورق الشجر ) وعودة للبياتى مع ( لا تكترث بكل ماأقوله ياحبيبى ) .. ويتوقف الإيقاع مرة أخرى مع ( فى زمن الوحدة أو وقت الضجر ) ثم ( إبقى معى إذا أنا سألتك ارحيلا) من الكرد .. إلى نهاية اللحن .. حيث يعاود عبد الوهاب إستعمال الراست ثم البياتى لينهى الكوبليه والأغنية .