عندما نتحدث عن أعمدة الموسيقى العربية في القرن العشرين، لا يمكن أن نغفل اسم بليغ حمدي، الملحن الذي جمع بين البساطة والعمق، وأدخل الأغنية المصرية في مرحلة جديدة من الحداثة دون أن تفقد أصالتها.
النشأة والبدايات
وُلد بليغ عبد الحميد حمدي مرسي في 7 أكتوبر 1931 بحي شبرا – القاهرة. منذ طفولته ارتبط بالعود والموسيقى الشعبية التي كانت تُغنى في الأزقة والمقاهي. التحق بكلية الحقوق لكنه تركها سريعًا ليلتحق بمعهد الموسيقى العربية، مؤكدًا أن الفن هو طريقه الوحيد.
الانطلاقة الكبرى
عام 1957 قدّم أول ألحانه لفايزة أحمد بعنوان ليه لأ؟. ورغم نجاحها المحدود، إلا أن القدر كان يخبئ له فرصة العمر عندما استمعت إليه أم كلثوم، فاختارته لتلحين أغنيتها حب إيه عام 1960. من هنا بدأت رحلة المجد التي جعلت منه أحد أبرز ملحني عصرها.
مع أم كلثوم
قدّم بليغ لكوكب الشرق ألحانًا خالدة مثل سيرة الحب، بعيد عنك، فات الميعاد، وألف ليلة وليلة. هذه الأعمال لم تكن مجرد أغانٍ، بل أيقونات موسيقية تعكس قدرة بليغ على المزج بين الطابع الشعبي والجملة الموسيقية الراقية.
مع عبد الحليم حافظ
مع العندليب الأسمر، كتب بليغ صفحات جديدة من ذاكرة الغناء العربي. لحّن له على حسب وداد قلبي، حاول تفتكرني، موعود. وبعد نكسة 1967، قدّم له الأغنية الوطنية الشهيرة عدى النهار التي عبّرت بصدق عن وجع الأمة المصرية والعربية.
مع شادية
لم تخلُ ألحانه من الروح الوطنية، إذ قدّم لشادية الأغنية الأشهر يا حبيبتي يا مصر، التي تحولت إلى نشيد وطني يردده المصريون حتى اليوم. كما لحّن لها قولوا لعين الشمس وأحبك وأكرهك.
مع وردة الجزائرية
العلاقة التي جمعت بليغ بوردة الجزائرية لم تكن مجرد تعاون فني، بل كانت قصة حب وزواج أثمرت عشرات الألحان الخالدة: العيون السود، في يوم وليلة، خليك هنا، لولا الملامة. هذه الأغاني كانت مرآة لعلاقتهما الشخصية بكل ما فيها من حب وغيرة وصراع.