مقالات مهمة
اخبار فنيةسوشيال ميديامشاهير العرب

الاميرة اشرقت رحلت وغربت شمس الفن

تُعد الفنانة الراحلة سمية الألفي واحدة من الوجوه الهادئة التي تركت أثرًا عميقًا في تاريخ السينما والدراما المصرية، دون أن تسعى يومًا إلى الصدارة أو الأضواء الصاخبة. حضورها الفني لم يكن قائمًا على البطولة المطلقة، بل على الصدق، والاتزان، والقدرة على التعبير الإنساني العميق، وهو ما جعلها تحجز مكانتها الخاصة في ذاكرة الجمهور والنقاد على حد سواء.

بدأت سمية الألفي مسيرتها الفنية في أواخر السبعينيات، في فترة شهدت تحولات كبيرة في بنية الدراما المصرية، ووسط منافسة قوية بين نجوم جيلها. اختارت منذ بداياتها طريقًا مختلفًا، قائمًا على انتقاء الأدوار التي تعكس المرأة الواقعية، القريبة من الناس، سواء كانت زوجة، أمًا، أو امرأة تواجه صراعات داخلية صامتة. لم تعتمد على المبالغة أو الأداء الخطابي، بل قدّمت شخصياتها بهدوء وثقة، ما جعلها تبدو طبيعية ومقنعة على الشاشة.

 

في السينما، شاركت في أعمال مهمة شكّلت علامات بارزة في تاريخ الفيلم المصري، من بينها العار، الهروب، والغول. ورغم أن أدوارها في هذه الأفلام لم تكن دائمًا في مقدمة المشهد، فإن حضورها كان مؤثرًا وأساسيًا في البناء الدرامي، وأسهم في تعميق الصراع الإنساني داخل العمل. أما في الدراما التلفزيونية، فقد كان حضورها أكثر رسوخًا، من خلال مشاركاتها في مسلسلات أصبحت جزءًا من الذاكرة الجماعية للمشاهد العربي، مثل ليالي الحلمية، ذئاب الجبل، المال والبنون، والوسية، حيث برزت قدرتها على الإمساك بالتفاصيل الدقيقة، من نظرة وصمت ونبرة صوت، لتمنح الشخصية أبعادًا إنسانية صادقة.

على الصعيد الشخصي، ارتبط اسمها بالفنان الراحل فاروق الفيشاوي، وأنجبت منه الفنانين أحمد الفيشاوي وعمر الفيشاوي. وقد مرّت حياتها الخاصة بمحطات إنسانية صعبة، انعكست على نضجها الفني في مراحل لاحقة، فازدادت أدوارها عمقًا وهدوءًا، وأصبح أداؤها أقرب إلى التجربة الحياتية الصادقة، بعيدًا عن أي تكلّف.

عرفت سمية الألفي بابتعادها عن الجدل الإعلامي، وحرصها على الخصوصية، خاصة في سنواتها الأخيرة، حيث فضّلت أن يكون حضورها من خلال أعمالها فقط. وفي 23 يوليو 2015، رحلت عن عالمنا بعد صراع مع المرض، تاركة خلفها رصيدًا فنيًا متماسكًا ومحترمًا، يعكس مسيرة فنانة آمنت بأن الفن الحقيقي لا يُقاس بحجم الشهرة، بل بصدق التأثير واستمراريته.

تمثّل سمية الألفي نموذجًا للفنانة التي عاشت للفن بهدوء، وقدّمت شخصيات لا تزال حاضرة في وجدان المشاهد، لتبقى أعمالها شاهدًا على مدرسة تمثيلية إنسانية، تعتمد على الإحساس قبل الاستعراض، وعلى العمق قبل الضجيج.

 

رئيس التحرير

https://top4top.me/UURIKS0hL6kud3P/preview

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى