الأميرة ديانا – المرأة التي كسرت صمت القصور وصنعت ضجيجًا في قلوب العالم
في هذا المقال، لن نروي فقط حكاية أميرة… بل سيرة امرأة هزّت القصور بإنسانيتها، ولامست القلوب ببساطتها. سيدة لم تكن أسيرة التاج، بل صارت ملكة القلوب بإجماع العالم. إنها الأميرة ديانا.
وُلدت ديانا فرانسيس سبنسر في 1 يوليو 1961، في منزل عائلتها “بارك هاوس” بمقاطعة نورفولك الإنجليزية، لعائلة نبيلة لها علاقة مباشرة بالأسرة الملكية. كانت الطفلة الرابعة لإيرل سبنسر، وانفصل والداها وهي في السابعة، ما ترك أثرًا نفسيًا عميقًا فيها.
تلقت تعليمها في مدارس داخلية، وكان طموحها أن تصبح معلمة حضانة. لم تكن طالبة لامعة أكاديميًا، لكنها أبدعت في الرقص والباليه، وأحبت الأطفال منذ صغرها، مما جعلها تختار العمل في حضانة “يونغ إنجلند” في لندن قبل دخولها الحياة الملكية.
التقت بالأمير تشارلز في عام 1977 حين كانت في الـ16 من عمرها، وكان يواعد شقيقتها سارة آنذاك. بعد سنوات، تطورت العلاقة، وفي فبراير 1981، أُعلن رسميًا عن خطوبتهما. كانت في الـ19 من عمرها فقط، وخجولة أمام عدسات العالم.
في 29 يوليو 1981، تابعت أكثر من 750 مليون شخص حول العالم زفاف ديانا وتشارلز في كاتدرائية “سانت بول”. ارتدت فستانًا أيقونيًا من تصميم ديفيد وإليزابيث إيمانويل، مزينًا بذيل يبلغ طوله أكثر من 7 أمتار. لكن القصة لم تكن “حكاية خرافية” كما ظن العالم.
أنجبت ويليام عام 1982، ثم هاري عام 1984، وحرصت على تربيتهما بعيدًا عن الصرامة الملكية. كانت أماً حنونة تُصطحب ولديها لركوب المترو والمطاعم الشعبية، وتشاركهم تجارب الحياة خارج أسوار القصر، على عكس ما كان متوقعًا من أميرة.
لكن خلف الصورة اللامعة، عاشت ديانا حياةً تعيسة. دخلت في صراع نفسي طويل، عانت من الاكتئاب، والشره المرضي، ومحاولات إيذاء النفس، كما كشفت لاحقًا في لقاءها الشهير مع الصحفي مارتن بشير عام 1995، والذي شاهده أكثر من 23 مليون بريطاني.
قالت فيه عبارتها الأشهر:
“كنا ثلاثة في هذا الزواج، فكان مزدحمًا جدًا”، في إشارة إلى علاقة تشارلز بكاميلا باركر. هذا اللقاء كان لحظة كسر الصمت، ونهاية التستر على الألم، وسقوط صورة الزواج الملكي المثالي.
أُعلنت تسوية الطلاق رسميًا في 28 أغسطس 1996. ورغم خسارتها للقب “صاحبة السمو الملكي”، إلا أنها أصبحت أكثر حرية في متابعة أعمالها الإنسانية، التي كانت تمارسها منذ سنوات، لكن بعيدًا عن قيود المؤسسة الملكية.
دعمت ديانا أكثر من 100 منظمة خيرية. كانت أول شخصية عامة تلامس مرضى الإيدز بدون قفازات، متحدية وصمة المرض. زارت ضحايا الألغام الأرضية في أنغولا والبوسنة، وسارت حرفيًا في حقول الموت، لترسل رسالة:
“أرواح الأبرياء ليست مادة سياسية”.
في 30 أغسطس 1997، غادرت فندق “ريتز” في باريس مع دودي الفايد. لاحقتهما الصحافة، ووقعت مطاردة جنونية عبر نفق ألما. وفي الساعة 00:23 صباح 31 أغسطس، اصطدمت السيارة بجدار النفق. مات السائق ودودي فورًا، ونُقلت ديانا مصابة بشدة إلى المستشفى.
في تمام الساعة 04:00 فجرًا، أُعلن رسميًا وفاة ديانا بسبب تمزق في الشريان الرئوي. كان عمرها 36 عامًا فقط. صُدم العالم، خرج الملايين للحداد، امتلأت لندن بالزهور والرسائل، وتلقى قصر كينسينغتون أكثر من مليون بطاقة تعزية.
في 6 سبتمبر 1997، شيّع جثمانها في جنازة رسمية تابعتها أكثر من 2.5 مليار شخص حول العالم. مشى خلف النعش الأميران ويليام وهاري، إلى جانب تشارلز وشقيق ديانا، الذي ألقى خطابًا تاريخيًا انتقد فيه تعامل العائلة المالكة مع شقيقته.
رحلت ديانا، لكنها لم تختفِ. بقيت حاضرة في صور العمل الإنساني، في دفاعها عن البسطاء، في مواقفها الجريئة، وفي قلوب ملايين من الناس حول العالم. حتى اليوم، لا يُذكر اسمها إلا مقرونًا بـ”أميرة القلوب”.
الأميرة ديانا… لم تكن ملكة تتوّج على رأسها تاج… بل ملكة تتوّجت في قلوب الناس، وستظل كذلك.