تحل اليوم الذكرى الـ85 لميلاد الفنان المصري الكبير عادل إمام، الاسم الذي لم يعد مجرد ممثل بل تحوّل إلى ظاهرة عربية فريدة تجاوزت حدود الفن لتلامس وجدان ملايين العرب من المحيط إلى الخليج، متربعًا على عرش “الزعامة” بلا منازع.
ومنذ بزوغ نجمه، لم تكن مسيرته مجرد تدرّج فني معتاد، بل كانت تجربة استثنائية حملت بين طيّاتها طموحات الجماهير وآمال البسطاء. فبينما اختار آخرون أدوارًا تنأى عن الواقع، اختار هو أن يكون صوت الناس، يواجه الفساد، ويصطدم بالمتنفذين، ويجسّد قصص الكفاح والصعود الشريف، خصوصًا في أعماله خلال الثمانينيات والتسعينيات، حيث كان يعيد للمشاهدين الإيمان بأن العدالة ممكنة، وأن النصر ليس حكرًا على أصحاب النفوذ.
ما ميّز عادل إمام لم يكن فقط حضوره القوي أو موهبته الفذة، بل “سحر البساطة” الذي جعله قريبًا من الناس، مألوف الملامح، خفيف الظل، يدخل البيوت بلا استئذان ويغدو فردًا من العائلة. لم يكن يشبه رشدي أباظة في وسامته، لكنه امتلك كاريزما لا تُقاوَم جعلت كل شاب يشعر أنه يرى نفسه على الشاشة من خلاله.
تكرّرت في أعماله ثيمة البطل الشعبي الذي يصعد من القاع إلى القمة بشرف وكفاح، يضحك، يحب، ويقاوم، ويحلم بعالم أفضل. هذا النموذج رسّخه في الوعي الجمعي العربي ليصبح حلمًا قابلًا للتكرار في واقع مليء بالتحديات.
وُلد الزعيم في قرية “شها” بمحافظة الدقهلية عام 1940، قبل أن ينتقل إلى حي السيدة زينب بالقاهرة، وهناك بدأ خطواته الأولى عبر المسرح الجامعي، دون أن يتخيل أحد أن هذا الشاب الهادئ سيشعل لاحقًا سماء الفن العربي.
في ستينيات القرن الماضي، خاض العديد من الأدوار الصغيرة، “السنيد” أحيانًا و”الظل” أحيانًا أخرى، قبل أن تأتي نقطة التحول الكبرى مع مسرحية “مدرسة المشاغبين” مطلع السبعينيات، والتي فجّرت طاقاته الجماهيرية وأطلقت اسمه في سماء النجومية.
توالت بعد ذلك أعماله السينمائية والتلفزيونية التي حققت نسب مشاهدة غير مسبوقة، ومنها: “شمس الزناتي”، “سلام يا صاحبي”، “بخيت وعديلة”، “دموع في عيون وقحة”، و**”إبراهيم الطاير”**.
وعبر شراكات ذهبية مع كتّاب ومخرجين كبار مثل وحيد حامد، لينين الرملي، شريف عرفة، ونادر جلال، خاض الزعيم ملفات شائكة مثل الفساد والتطرف، وقدم أعمالًا لا تزال علامات في السينما العربية مثل: “الإرهابي”، “طيور الظلام”، و**”الإرهاب والكباب”**.
اليوم، يحتفل الجمهور العربي بعيد ميلاد فنان لم يخذل أحلامه، وظل وفيًا لهمومه، ليبقى عادل إمام ليس فقط “الزعيم”، بل حالة فنية وإنسانية خالدة.