خاص – نجمك – الرياض
لم تكن أسمهان مجرد مطربة ظهرت في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، بل كانت حدثاً فنياً هزّ الوسط الغنائي في مصر والعالم العربي. وُلدت في جبل الدروز بسوريا عام 1912 باسم آمال الأطرش، ثم حملت لقبها الفني الذي ارتبط بالأسطورة أكثر من الواقع. ابنة عائلة نبيلة، وشقيقة الموسيقار فريد الأطرش، الذي شكّل بوابتها الأولى إلى عالم الموسيقى، ورفيقها في رحلة قصيرة لكنها زاخرة بالتحولات.
منذ بدايتها، لفتت أسمهان الانتباه بصوتٍ فريد الطابع، يحمل قدرة عجيبة على الانتقال بين الطبقات، ويمزج بين الصرامة الشرقية والتأثيرات الغربية التي بدأت تدخل على الموسيقى العربية آنذاك. صوتها كان أخاذاً، مليئاً بالشجن، لكنه أيضاً يتصف بالرشاقة والمرونة. النقاد اعتبروه أقرب إلى “الآلات الموسيقية” من كونه مجرد حنجرة بشرية، إذ كان ينساب في القلوب قبل أن يطرق الأذن.
وجودها المفاجئ على الساحة الغنائية وضعها وجهاً لوجه أمام أم كلثوم، سيدة الطرب التي تربعت منفردة لعقود. لم تُخفِ كوكب الشرق ضيقها من صعود أسمهان الصاروخي، خصوصاً مع الإشادات النقدية الكبيرة التي حصدتها في سنوات قليلة. تحولت العلاقة بينهما إلى خصومة صامتة، وتردّد في الكواليس أن أم كلثوم كانت ترى في أسمهان التهديد الأكثر خطورة على عرشها، حتى أن البعض روى أن مشاعر “الكراهية الفنية” بينهما لم تكن خافية على الوسط الفني.
في المقابل، لعب فريد الأطرش دوراً محورياً في حياة شقيقته. لم يكن مجرد ملحن أو شقيق، بل كان السند الفني والإنساني الذي سعى لتقديمها كوجه مغاير لما اعتاده الجمهور. كتب لها الألحان، ووقف إلى جانبها في أزماتها، وكان شاهداً على مزيج العبقرية والاندفاع الذي شكّل شخصيتها. كثيرون يرون أن صوت أسمهان لم يكن ليأخذ هذا البريق لولا ألحان فريد، الذي عرف كيف يفتح لمساحات صوتها آفاقاً جديدة، كما في “ليالي الأنس في فيينا” و”دخلت مرة في جنينة”، حيث أظهر طاقتها الغنائية التي تجاوزت السائد.
صور لمحاولة انشال اسمهان من البحيره